هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    رأيت الكفن المقدس

    بنت البابا كيرلس
    بنت البابا كيرلس
    Admin
    Admin


    عدد الرسائل : 509
    العمر : 35
    الموقع : https://ava-kirolos.yoo7.com
    تاريخ التسجيل : 02/03/2008

    المنتدى العام رأيت الكفن المقدس

    مُساهمة من طرف بنت البابا كيرلس الأربعاء مارس 05, 2008 3:13 pm

    لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ نَصِيرُ أَيْضاً بِقِيَامَتِهِ عَالِمِينَ هَذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضاً لِلْخَطِيَّةِ ( رو 6 : 5 ، 6 )

    رأيت الكفن المقدس

    قرأت كتابًا عن حقيقة كفن السيد المسيح، تأثرت كثيرًا، عادت بي الذكرى إلى مطلع الشباب. كنت في العشرين من عمري، أو نحو ذلك، يوم شاهدت هذا الحلم، بل قل إنها "رؤيا" حقيقية... فمازلت أتذكر التفاصيل الدقيقة، وكيف تركت في نفسي أثرًا لا يمحي.

    في ذلك الوقت، وجدتني أسير في إحدى شوارع مدينة "أورشليم". الطريق مرصوف بما يشبه لون الرمال. لمعان هادئ مبلل بقطرات الندى، يمتص رقع الخطوات. على جانبي الطريق، وامتداده، سور متوسط الأرتفاع... يذكرك بأسوار الأديرة المنتشرة في صحراء مصر. هدوء تام، نسمات رقيقة محملة بأريج الأزهار، تهب عليك من حيث لا تدري. اتساع الطريق ينقل إليك إحساسًا بالراحة، أمشي بخطوات متباطئة. يمتلئ صدري بالهواء النقي. شعور طاغ بأني أسعد مخلوق في العالم... ألست أسير فوق الأرض التي وطأتها قدما مخلص كل البشر؟!

    عشت لحظات نادرة، حيث يرتفع المرء فوق المادة، يشف، يتألق، يسبح في مشاعر نورانية، يتملكه إحساس جارف بالحب لكل البشر. يهب بسخاء كل ما يتمتع به من نعم- لو إستطاع- إلى كل أحد، حتى لو حرم هو نفسه من مباهجها!

    وقبل أن أفيق من مشاعر، توقفت أمام حاجز من البللور، يظهر خلفه... وبوضوح شديدة، قماش فاخر مصنوع من الكتان النقي. دخلت من الباب، ولسروري وجدت من يقول لي إن هذا هو... كفن المسيح!

    مظلة نورانية تحتويني. تنقلني، تحلق بي عاليًا، يملأ قلبي سلام يفوق خيال البشر، لم يسبق لي أن عشت قدسية المشاعر هكذا.

    بلهفة احتويت الكفن المقدس. قبلته بخشوع، مسحت به وجهي، ظلّ قلبي ملتهبًا في داخلي، لحظات مجيدة هي بالحقيقة جزء من الأبدية. تطلعت حولي، أبحث عن يسوعي، ذاك الذي قام قاهرًا أوجاع الموت... فلم أجده!!

    ...لقد كان هناك منذ لحظة، ومشى في هذا الإتجاه ...! وأشارت يد إلى إمتداد الطريق.

    إذن، فلأسرع الخطي... حتى ألحق به.

    أنت تعلم يارب، أني أحبك، أبحث عنك في كل مكان... ولكني قامتي قصيرة. زاد من قصرها إنحناء ظهري، من هول المطارق التي هوت، ومازالت تهوي عليه.

    فقد تحالفت ضدي قوى العالم... والشر.

    لقائي بك، يارب ، لحظة قدسية... يهابها الموت والفناء يخشى الإقتراب منها.

    خطواتي مسرعة، تسبق عمري، بصري يقفز فوق الواقع، يتخطاه، آه لو أضع رأسي المثقل بالهموم... فوق صدر يسوع؟!. لو تمتد يده الحانية تكفكف دموعي؟! تذوب حينئذ أحزاني، كما يذوب الثلج تحت أشعة الشمس الدافئة.

    لكن فجأة توقف الزمن أثناء المسير، اختلط الخيال مع الحقيقة، وجدت نفسي كمن يهوي في جوف بئر عميق، عشت أسوأ لحظات ما قبل الإرتطام بالقاع.

    استيقظت فازعاً من نومي، إمتزجت المرارة في حلقي بذكرى خاطفة من سعادة لم تدم سوى لحظات، اكتنفتني روح متشائمة، ظللتني كآبة، غمرني حزن، توبيخ قاس أستحقه، ندم على خطايا سابقة، كم أنا ملوم في نظر نفسي، تخاطفتني الهواجس، إنسان خاطئ أنا، شروري تملأ الأرض كلها. لو كنت أقل خطيئة لما حُرمت هكذا من رؤية مشتهى كل الأمم. أقسى اللحظات مرت بي... وقت أن أخطر لي أن خطر لي أن المسيح لا يسره أن يلقاني، وإلاَّ... فلَمِ استيقظت في هذه الحظة بالذات؟!

    أفكار عنيدة ظلت تطاردني، تلح على خاطري، تكاد تحطمني، شعوره بالمرارة يحرمني لذة الإستمتاع بالمشهد الرائع، الذي ترتعب أمامه قوات الجحيم.

    لم أعد أحتمل، انطلقت فورًا إلى أب اعترافي، تعود هذا الأب أن يشاركني أحزاني بدون تحفظ، لا أخشى أن يسخر من مشاعري، فهو إنسان قبل كل شيء. فتحت له قلبي، عبرت عن مخاوفي، ظهر الأسى على وجهي:

    "...أمشي وأمشي، أسرع الخطى... ثم لا أعثر في النهاية على يسوع"؟! هل هذه هي نهايتي؟!

    استمع الأب إلى مخاوفي بكل هدوء، أزعجني صمته، لم يبد عليه أنه مشفق عليَّ، انتظرت أن يشاركني مخاوفي، يواسيني بكلمة تعزية... ولكنه فاجأني- بسؤال وإجابة- في نفس الوقت:

    -... أنت مشيت في نفس الوقت، الذي سار فيه المسيح... أليس كذلك؟!

    قلت: نعم... ولكني لم أره... لم أر المسيح... استيقظت قبل أن ألحق به، أولاً: حتى أُشاهده!

    وعادت دموعي تنهمر من جديد.

    أجابني، ومازال محتفظًا بهدوئه الغريب:

    _... ولكنك- أيها العزيز- مشيت في نفس الطريق... الطريق الذي سار فيه المسيح من قبل، هو يسبقك بخطوات، وأنت تتبعه، تذكر أن الوقت لم يحن بعد لتلتقي به، ولكن حتمًا سوف تلتقي، الطريق، مازال طويلاً... ولكن الوقت قريب!

    وهنا فقط- بدأ ذهني يشرق بالفهم ، عُدت مهرولاً إلى منزلي، إرتميت فوق فراشي، أغمضت عيني، وفي إستسلام لذيذ... بدأت أسترجع تفاصيل ما رأيته- أثناء نومي- من جديد.

    V V V

    من كتاب أبونا ( تـادرس يعقـوب ملطـى )

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 3:40 am