هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    تفسير الاصحاح الثانى من سفر التكوين

    Anonymous
    زائر
    زائر


    المنتدى العام تفسير الاصحاح الثانى من سفر التكوين

    مُساهمة من طرف زائر الأربعاء مايو 14, 2008 6:44 pm

    الأصحاح الثانى


    آدم فى الفردوس


    ( 1 ) تقديس اليوم السابع
    " فأكملت السموات والأرض وكل جندها ، وفرغ الله فى اليوم السابع من عمله الذى عمل ، فاستراح فى اليوم السابع من جميع عمله الذى عمل ، وبارك الله فى اليوم السابع وقدسه ، لأنه فيه استراح من جميع عمله الذى عمله الله خالقا " ( تك 2 : 1 – 3 ) .

    ماذا يعنى " استراح فى اليوم السابع " ؟ بلا شك الراحة هنا لا تعنى التوقف عن العمل ، وإنما استراح براحة خليقته ، وكما يقول القديس أغسطينوس : [ راحة الله تعنى راحة الذين يستريحون فى الله ] . راحته كأب سماوى أن يجد محبوبيه ينعمون بالراحة الداخلية الحقة ، إننا نستريح عندما نصنع أعمالا صالحة ، كمثال لذلك كتب عن الله أنه " استراح فى اليوم السابع " وذلك عندما صنع كل أعماله وإذا بها حسنة جدا ، إنه لم يتعب ولا احتاج إلى راحة ، كما أنه لم يترك عمله حتى الآن ، إذ يقول ربنا يسوع المسيح بصراحة : " أبى يعمل حتى الآن " ( يو 5 : 17 ) .

    ويبقى الله فى راحته مادام الإنسان أيضا يستريح فى حضن أبيه السماوى . لهذا رأى كثير من الآباء أن وصية " حفظ السبت " والتى تعنى فى العبرية " الراحة " إنما هى رمز للثبوت فى السيد المسيح بكونه " راحة الآب " ، فيه يجد لذته من جهتنا ، وكأن السيد المسيح هو : " سبتنا الحقيقى ".

    هذا ويلاحظ أن الكتاب المقدس لم يقل عن اليوم السابع : " وكان مساء وكان صباح يوما سابعا " ، وكما يقول القديس أغسطينوس : [ لا نجد فى السبت مساء ، لأن راحتنا بلا نهاية ، إذ يضع المساء نهاية ] .



    ( 2 ) آدم فى الفردوس
    إن كان الله قد خلق للأنسان المسكونة كلها من أرض وجلد وفضاء وكواكب ... إنما ليلمس فيها أبوة الله ورعايته الفائقة ، وقد كشف عن هذه الأبوة بالحديث بعد ذلك فى شىء من التفصيل عن خلق الأنسان وإقامة جنة عدن شرقا لأجله .

    يروى الجنة نهر قيل عنه : " وكان نهر يخرج من عدن ليسقى الجنة ، ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس " ( تك 2 : 10 ) .

    إن كانت شجرة الحياة تشير إلى السيد المسيح واهب الحياة ، فإن النهر الذى يسقى الجنة هو الروح القدس الذى يفيض على أرضنا خلال مياة الروح القدس فيحول قفرنا إلى جنة تفرح قلب الله . تحدث السيد المسيح عن هذا النهر ، قائلا : " من آمن بى كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حى " ( يو 7 : 38 ) .



    ( 3 ) وصية الله لآدم
    " وأخذ الرب الإله آدم ووضعه فى جنة عدن ليعملها ويحفظها " ( تك 2 : 15 )

    قبل أن يقدم الله لآدم وصية الحب والطاعة ، وضعه فى جنة عدن ليعمل ويحفظ الجنة ، قدس الله العمل فأقام أكمل خليقته الأرضية لكى يعمل ، ووهبه الحكمة لكى يحفظ الجنة ، وكأن الله أقام وكيلا له على عمل يديه ليمارس العمل ببهجة قلب وبتعقل !

    إذ وهبه الله هذه العطية ، عطية العمل فى الجنة وحفظها ، قدم له وصية : " من جميع شجر الجنة تأكل أكلا ، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها ، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت " ( تك 2 : 16 ، 17 ) .

    ربما يتساءل البعض : هل من حاجة لهذه الوصية ؟ نجيب بأن الوصية تكرم من شأن الأنسان إذ تعلن حرية إرادته ؛ فقد أراد الله أن يتعامل معه على مستوى فائق ، ظن البعض أن الجزاء صعب للغاية ولا يتناسب مع الوصية بعد الأكل من ثمرة معينة ، لكن يجيب الدارسون على ذلك بالآتى :

    أولا : أن الجزاء ليس بسبب نوع الوصية إنما بسبب الفكر الداخلى الذى قابل محبة الله الفائقة ورعايته للإنسان بالجحود .

    ثانيا : بشاعة العقوبة تتناسب مع عطية الحرية الإنسانية وتقدير الله للإنسان .

    ثالثا : بشاعة العقوبة تبرز قوة الخلاص الذى يقدمه الله للإنسان ببذل الأبن الوحيد الجنس .

    رابعا : العجيب أن العقوبة سقطت بثقلها على الأرض والحية ، فلم يلعن الله آدم ولا حواء لكنه لعن الحية بسبب مخادعتها للإنسان ، وللأرض بسبب الساكن فيها ! الله فى محبته أبرز مرارة الخطية ، لكنه لم يلعن الإنسان .. أى حب أعظم من هذا ؟! .



    ( 4 ) خلق حواء
    " وقال الرب الإله : ليس جيدا أن يكون آدم وحده ، فأصنع له معينا نظيره " ( تك 2 : 18 ) إن كان خلق العالم ككل قد احتاج إلى ملايين السنين ، لكن الوحى سجله فى اصحاح واحد باختصار شديد لكى يبقى الكتاب المقدس كله يعلن اهتمام الله بالإنسان على وجه الخصوص ، مركز العالم فى عينى الله .

    جاء تعبير " معينا نظيره " يكشف عن مفهوم الحياة الزوجية ، علاقة آدم بحواء ، أو الرجل بالمرأة ، فالزوجة معينة لرجلها ، كما أن الرجل معين لزوجته ، وهى نظيره لا تتشامخ عليه ولا هى أقل منه !

    جاءت قصة خلق حواء تحمل رمزا لخلق الكنيسة عروس المسيح ، التى من أجلها أخلى العريس ذاته ليلتصق بها وينطلق بها إلى سمواته ، وقد جاءت كتابات الكنيسة الأولى تحمل فيضا من الحديث عن خلق حواء وعلاقتها بالكنيسة عروس المسيح ؛ من كلمات القديس أغسطينوس فى هذا الشأن :

    [ متى خلقت حواء ؟ عندما نام آدم !

    متى فاضت أسرار الكنيسة من جنب السيد المسيح ؟ عندما نام على الصليب ]

    أخيرا بعد أن تحدث عن خلق حواء والتصاقها بالحب مع آدم ، قال : " وكان كلاهما عريانين آدم وحواء وهما لا يخجلان " ( تك 2 : 25 ) . كانا عريانين جسديا ، ومستورين روحيا لهذا لم يجدا ما يخجلهما ، لأن ما يخجل الأنسان ليس جسده بل الفساد الذى دب فيه بسبب الخطية ، لهذا يرى بعض الآباء فى الدخول إلى جرن المعمودية عراة عودة إلى الفردوس حيث كان الإنسان فى نقاوة قلبه عريانا حسب الجسد ولا يخجل .

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 8:21 pm