هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    تفسير الاصحاح الثالث من سفر التكوين

    Anonymous
    زائر
    زائر


    المنتدى العام تفسير الاصحاح الثالث من سفر التكوين

    مُساهمة من طرف زائر الأربعاء مايو 14, 2008 6:45 pm

    تكوين –
    الأصحاح الثالث


    سقوط الأنسان

    ( 1 ) الحية الخادعة
    إذ قدم الله للأنسان كل شىء أقامه فى الفردوس ، ووهبه الوصية ليرد الحب بالطاعة ... ولعله كان فى ذهن الله هبات أعظم يود أن يقدمها للإنسان كمكافأة له عن طاعته المستمرة للوصية ، لكن عدو الخير حسد الإنسان فأراد أن يهبط به إلى الموت مستخدما الحية ليدخل مع الإنسان فى حوار مهلك .

    يقول الكتاب : " وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التى عملها الله ، فقالت للمرأة : أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة ؟! فقالت المرأة للحية : من ثمر شجر الجنة نأكل ، وأما ثمر الشجرة التى فى وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا " ( تك 3 : 1-3 ) .

    لقد استخدم العدو الخليقة الصالحة التى من عمل الله كوسيلة لتحطيم الإنسان ، فكان العيب لا فى الوسيلة وإنما فى الإنسان الذى قبل أن يدخل فى حوار باطل مع الحية .

    فى هذا الحوار الذى دار بين حواء والحية لم يقدم الشيطان للإنسان إلا وعودا ، قائلا : " لن تموتا ، بل الله عالم أن يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر " ( تك 3 : 4 ، 5 ) . مجرد وعد أنهما يكونان كالله ( كبرياء ! ) وينالان المعرفة ، لكنه لم يقدم عملا لصالحهما . ومع هذا نظرت حواء إلى الشيطان كموضع ثقة أكثر من الله ، مع أن الله أظهر إرادته الحسنة بأعماله .

    جرب الشيطان الإنسان بثلاث أهواء هى [ النهم : حين أخذ الفاكهة من الشجرة ، وبالطمع : حين قال له : " تنفتح أعينكما " ، وبالكبرياء : حين قال له " تكونا كالله عارفين الخير والشر " ] – وهى نفس الأهواء التى حاول أن يحارب بها " آدم الثانى " .. " السيد المسيح " [ بالنهم حين قال له : " قل أن تصير هذه الحجارة خبزا " .. ، وبالكبرياء حين قال له : " إن كنت إبن الله فاطرح نفسك إلى أسفل ...... " ، وبالطمع حين أراه جميع ممالك الأرض ومجدها ، وقال له : " أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لى " ( مت 4 ) ] ....لقد اعطانا الرب نفسه مثالا كيف يمكننا أن ننتصر كما انتصر هو حين جرب .

    ( 2 ) إنفتاح أعينهما
    " فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان ، فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر " ( تك 3 : 7 ) . ماذا يعنى إنفتاح العينين لتريا أن الجسد عريان ، إلا أن الإنسان بالخطية يدرك أنه دخل إلى حالة من الفساد تظهر خلال أحاسيس الجسد وشهواته التى لا تضبط ؟ ! بهذا يدخل الإنسان فى معرفة جديدة ، هى خبرة الشر الذى امتزج بحياته وأفسد جسده تماما ، إنه يتعرف على جسده الذى صار عنيفا فى الشر بلا ضابط .



    ( 3 ) اهتمام الله بالإنسان
    إن كان الإنسان قد قابل حب الله بالعصيان ، فالله يقابل حتى هذا العصيان بالحب لكى يسحب قلبه من مرضه الذى أصابه ، ويقيمه من الموت الذى ملك عليه ( رو 5 : 14 ) . لقد جاء صوت الله ماشيا فى الجنة ليلتقى مع الإنسان الساقط .

    يقول الكتاب :" وسمعا صوت الرب الإله ماشيا فى الجنة عند هبوب ريح النهار " ( ع 8 ) إنه صوت الرب أى " كلمته " ، الأبن الوحيد الجنس الذى جاء مبادرا بالحب ليقتنص الإنسان الساقط ويقيمه . جاء عند هبوب ريح النهار ، إذ نلتقى به بالروح القدس ، لأن كلمة " روح " و " ريح " فى العبرية هى واحدة . جاء فى وسط النهار لنتعرف عليه خلال نوره ، وكما يقول المرتل : " بنورك يارب نعاين النور " .

    بادر " كلمة الله " بالحب ، فنادى آدم وقال له : " أين أنت ؟ " ( ع 9 ) . لم يكن يجهل موضعه لكنه أراد الدخول معه فى حوار ، ليس كحوار الحية مع حواء الذى أدى إلى السقوط ، ولكنه حوار الحب الحقيقى لأنتشال آدم وحواء من سقطتهما !

    الآن ما هو موقف الإنسان تجاه هذه المبادرة الإلهية ؟

    أولا : " اختبأ آدم وإمرأته من وجه الرب الإله فى وسط شجر الجنة " ع 8 – هذا الهروب هو ثمر طبيعى للعصيان والأنفصال عن دائرة الرب ، كما يقول آدم : " سمعت صوتك فى الجنة فخشيت ، لأنى عريان فاختبأت " ( ع 10 ) .

    لم يقدر أن يعاين الرب لا لأن الرب مرعب ومخيف وإنما لأن الإنسان فى شره فقد صورة الله الداخلية التى تجتذبه بالحب نحو خالقه محب البشر ، فصار الله بالنسبة له مرعبا وديانا لخطاياه .

    ثانيا : برر آدم خطأه بإلقاء اللوم على الغير ، فقال آدم : " المرأة التى جعلتها معى هى التى أعطتنى من الشجرة فأكلت " ( ع 12 ) ، وقالت المرأة : " الحية غرتنى فأكلت " ( ع 13 ) . وكأن آدم ألقى باللوم على الله الذى أعطاه حواء ! ولم يقدم أى منهما اعتذارا عن خطأه !



    ( 4 ) لعنة الحية
    " فقال الرب الإله للحية : لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية ، على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك " ( ع 14 ) .

    كل انسان يقبل أن يكون أداة للعدو الشرير يصير كالحية ، يسعى على بطنه محبا للأرضيات ، ليس له أقدام ترفعه عن التراب ، ولا أجنحة تنطلق به فوق الزمنيات ، يصير محبا أن يملأ بطنه بالتراب .



    ( 5 ) الوعد بالخلاص
    إذ لعن الحية التى أغوت الأنسان حتى نرفضها ونرفض سماتها فينا ، قدم لنا أول وعد بالخلاص ، قائلا للحية : " وأضع عداوة بينك وبين المرأة ، وبين نسلك ونسلها ، وهو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه " ع 15

    وقد وضع الله عداوة بين إبليس والمرأة حتى يأتى السيد المسيح من نسل المرأة – دون زرع بشر – يسحق رأس الحية التى سحقت عقب البشرية ...



    ( 6 ) تأديب الإنسان
    إذ قدم الوعد بالخلاص أعلن تأديبه للإنسان ؛ فتح باب الرجاء بإعلان الخلاص قبلما يقدم التأديب المر حتى لا يسقط الإنسان تحت ثقل اليأس ، وقد أعلن تأديبه للمرأة أولا ثم للرجل .

    أولا : تأديب المرأة : " تكثيرا أكثر أتعاب حبلك ، بالوجع تلدين أولادا ، وإلى رجلك يكون إشتياقك ، وهو يسود عليك " ( ع 16 ) هذا التأديب الذى سقطت تحته حواء بسبب الخطية ، تحول بمراحم الله إلى بركات حينما قبلت الكنيسة – حواء الجديدة – أن تلد أولادا روحيين لله خلال آلامها .

    ثانيا : تأديب الرجل : " ملعونة الأرض بسببك ، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك ، وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل . بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض الى أخذت منها ، لأنك تراب وإلى التراب تعود " ( ع 17 – 19 ) . خلق الله الأرض من أجل الأنسان ، وبسببه باركها لتثمر له بركات ، فإذا عصى الرب سقطت تحت اللعنة لتثمر له شوكا وحسكا يتناسب مع عصيانه أو فكره الداخلى .



    ( 7 ) القميص الجلدى
    " ودعا آدم إمرأته حواء ، لأنها أم كل حى " ع 20

    إن كان آدم وحواء قد سقطا تحت التأديب ، فإنهما أبوانا الأولان ، نجد فى آدم أبا لكل البشرية ، وفى حواء أما للجميع ... لكن خلال هذه الوالدية تسربت إلينا الخطية وسقطنا معهما تحت ذات التأديب حتى جاء آدم الثانى يهب الحياة الحقة للمؤمنين وصارت إمرأته – حواء الجديدة – الأم الصادقة لكل حى ، إنها الكنيسة أم المؤمنين .

    أعلن الله محبته للإنسان قبل طردهما من الجنة بأن صنع لهما أقمصة من جلد وألبسهما ( ع 21 ) عوض أوراق التين . هذه الأقمصة ربما تعلن عن كشف الله للإنسان الأول عن أهمية الذبيحة كرمز لذبيحة الخلاص .... وكأن الله سلم آدم وحواء طقس الذبيحة الدموية .

    ( 8 ) طرد الإنسان
    إذ كان الله قد طردنا من الفردوس ، ففى حقيقة الأمر نحن طردنا أنفسنا بأنفسنا ، إذ خلال العصيان صارت طبيعتنا الفاسدة لا تليق بالحياة الفردوسية المقدسة بل تناسب الأرض التى تخرج الشوك والحسك .

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 9:20 pm