هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    تفسير الاصحاح الرابع من سفر التكوين

    Anonymous
    زائر
    زائر


    المنتدى العام تفسير الاصحاح الرابع من سفر التكوين

    مُساهمة من طرف زائر الأربعاء مايو 14, 2008 6:46 pm

    تكوين -
    الأصحاح الرابع


    هابيل وقايين

    إن كانت الخطية قد انطلقت من حواء إلى آدم خلال غواية الحية فقد جاء النسل كله يحمل ميكروبها فى طبيعتهم ، وكما يقول الرسول : " من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت ، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع " ( رو 5 : 12 ) . وقد ظهر ذلك بقوة فى قايين الذى لم يحتمل قبول الله ذبيحة أخيه فارتكب أول حالة قتل فى تاريخ البشرية ، وقد اهتم كثير من الآباء بقصة هابيل وقايين بكونها قصة البشرية الساقطة التى حملت البغضة لبعضها البعض .

    ( 1 ) قبول تقدمة هابيل

    " وعرف آدم حواء إمرأته فحبلت وولدت قايين ، وقالت : اقتنيت رجلا من عند الرب " ( ع 1 ) .

    أكد آباء الكنيسة أن الله هو مؤسس الحياة الزوجية فى صورتها الكاملة ، وأنه بالسقوط أو بدونه كانت تتم العلاقة الجسدية بين أبوينا ويتحقق إنجاب الأطفال ، لكن لا يتم ذلك خلال شهوة شريرة بل كثمرة حب زوجى طاهر ، على أى الأحوال أدركت حواء أن طفلها هو عطية إلهية لذا دعته " قايين " ، ولعل سر فرحها به أنها ظنت مجىء المخلص الموعود به من نسلها قد اقترب جدا ، وربما انتظرت أن يتحقق ذلك فى أيامها .

    " ثم عادت فولدت هابيل " ( ع 2 ) ، يرى القديس أمبروسيوس أن قايين يمثل الفكر العقلانى البحت أو المدرسة العقلية ، الذى يعتمد على المعرفة العقلية فقط كطريق للخلاص عوض الأيمان ، أما هابيل فيرمز إلى المدرسة الإيمانية التى تستند على نعمة الله لكى تتمتع بأسرار الله خلال الأيمان المعطى للإنسان دون تجاهل لعقله .

    هذا وتقدم لنا قصة هابيل وقايين صورة حية لقصة بكورية الروح وبكورية الجسد ، فإذ كان قايين بكرا لآدم وحواء حسب الجسد لكنه فقد بكوريته خلال شره وظهرت بكورية هابيل الروحية بقبول ذبيحته بل وحياته كلها موضع سرور الله دون أخيه .

    قايين رمز لآدم الأول " آدم " وقد فقد بكوريته ليظهر هابيل الحقيقى ؛ آدم الثانى " السيد المسيح " بكرا حقا لكل البشرية .

    " وكان هابيل راعيا للغنم ، وكان قايين عاملا فى الأرض " ( ع 2 ) ، إن الكتاب المقدس لم يذكر هابيل أولا بلا هدف بالرغم من مولده بعد قايين .... لعل العمل فى الأرض يشير إلى الإنسان الجسدانى الذى يركز عينيه وكل طاقاته نحو الأرض والزمنيات ، أما رعى الغنم فيشير إلى الإنسان المهتم بالرعاية والتدبير وقيادة الجسد بكا طاقاته ( الغنم ) ، ...

    " وحدث بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب ، وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه من سمانها ، فنظر الرب إلى هابيل وقربانه ، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر ، فاغتاظ قايين جدا وسقط على وجهه " ( ع 3 – 5 ) .

    لماذا لم لم ينظر الله إلى قايين وقربانه ؟

    أولا : ربما لأن تقدمة قايين كانت بإهمال [ بعد أيام ] .. أما تقدمة هابيل فكانت بحب وإخلاص واشتياق ! ..

    ثانيا : لعل تقدمة قايين كانت من ثمار الأرض ، ولم يقل من " بكور الثمار " أما هابيل فقد : " من أبكار غنمه ومن سمانها " ... أعطى لله الأولوية !

    ثالثا : كانت تقدمة قايين من ثمار الأرض غير القادرة على المصالحة بين الله والإنسان ، أما تقدمة هابيل فكانت ذبيحة دموية تحمل رمزا لذبيحة السيد المسيح القادر وحده على مصالحتنا مع الآب خلال بذل دمه عنا .

    والآن إذ سقط وجه قايين لم يتركه الله هكذا منهارا بل تقدم إليه يسأله : " لماذا اغتظت ؟ ولماذا سقط وجهك ؟ إن أحسنت أفلا رفع ؟ وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك إشتياقها وأنت تسود عليها " ( ع 7 ) .

    حقا لم يقبل تقدمته لأنها من قلب غير نقى ، لكنه لا يتركه فى سقوطه بل يتقدم إليه بالحب ويعاتبه !

    ( 2 ) قتل هابيل
    " وكلم قايين هابيل أخاه ، وحدث إذ كان فى الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله ، فقال الرب لقايين : أين هابيل أخيك ؟ فقال : لا أعلم ، أحارس أنا لأخى ؟! فقال : ماذا فعلت ؟ صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض " ( ع 8 – 10 ) .

    ظن قايين أنه قتل واستراح ، ولكن الله جاء ليسأله كى يثير فيه التوبة ، فهو لا يريد أن يستر على خطايانا بغلاف خارجى بينما يبقى الفساد يدب فى الأعماق ، إنما كطبيب روحى يريد أن يكشف الجراحات ويفضحها لأجل العلاج .

    أخفى قايين جسد أخيه ، لكنه لم يقدر أن يكتم صوت النفس الصارخة إلى الله ، والتى عبر عنها الرب بقوله : " صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض " ، إذ يشير الدم إلى النفس بكونه علامة الحياة .

    دم هابيل كان رمزا لدم المسيح الذى لا يتوقف صوته الكفارى وعمله ! ؛ ما يشفع به الدم القديم إنما يتحقق خلال مركز الدم الجديد . الدم الذى هو الكلمة يصرخ إلى الله معلنا أن الكلمة يتألم !

    إن جريمة القتل الأولى قدمت لقايين تأديبا ماديا ملموسا يكشف له عما حل به فى أعماقه ، إذ قيل له : " متى عملت الأرض لا تعطيك قوتها " ( ع 12 ) .

    إن كانت الأرض تشير إلى الجسد الذى يفقد عمله الأصيل فيصير بلا ثمر روحى ، فإن النفس أيضا تفقد سلامها الداخلى ، إذ قيل له : " تائها وهاربا تكون فى الأرض " ( ع 12 ) . وكأن النفس التى خضعت للجسد الترابى الأرضى تجده قفرا ، فتعيش فيه بلا راحة ولا سلام ، إنما فى حالة تيه وفزع . هذا ما أكده الكتاب المقدس بقوله : " خرج قايين من لدن الرب ، وسكن فى أرض نود شرقى الأردن " ( ع 16 ) .

    أدرك قايين خطورة ما بلغ إليه حاله ، فاعترف للرب : " ذنبى أعظم من أن يحتمل ، إنك قد طردتنى اليوم من وجه الأرض من وجهك اختفى وأكون تائها وهاربا فى الأرض ، فيكون كل من وجدنى يقتلنى ، فقال له الرب : لذلك كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه ، وجعل الرب لقايين علامة لكى لا يقتله كل من وجده " ( ع 13 – 15 ) .

    شعر قايين بالندم ليس كراهية فى الخطية ، وإنما خوفا من العقاب الأرضى ! ومع هذا فقد فتح له الرب باب الرجاء إذ لم يعده بألا يقتل وإنما من يقتله يعاقب بمرارة شديدة كمن ينتقم منه سبعة أضعاف .

    " أغنيـــــة السيف للامك " :

    سجل الكتاب المقدس سلسلة مواليد قايين حتى وصل إلى "لامك " الذى تزوج إمرأتين ،

    قدم لامك لأمرأتيه أول قطعة شعرية فى الأدب العبرى ، تسمى " أغنية السيف للامك " ، جاء فيها : " إسمعا لقولى يا إمرأتى لامك ، واصغيا لكلامى ، فإنى قتلت رجلا لجرحى وفتى لشدخى . إنه ينتقم لقايين سبعة أضعاف وأما للامك فسبعة وسبعين " ( ع 23 ، 24 ) .

    توجد تفاسير كثيرة لهذه الأغنية فالبعض يرى أن لامك شاخ جدا وصار ضعيف البصر وإذ كان حفيده يقوده وكان محبا للصيد أشار له حفيده عن صيد فضرب بالسهم فإذا به يقتل جده قايين عن غير قصد ، وإذ صرخ الحفيد معلنا قتل قايين ضرب لامك الفتى فقتله ، لذلك قال : " قتلت رجلا ( قايين ) لجرحى ، وفتى لشدخى " وأدرك أنه كقاتل لابد أن يقتل ، لكنه إذ قتل بغير عمد ينتقم له الرب سبعة وسبعين .

    ( 3 ) ميلاد شيث
    عندما اقتنت حواء " قايين " ظنت فيه بركة للأجيال كلها ، لكن سرعان ما فسدت حياته وقتل أخاه البار ... فلم يترك الله حواء منكسرة الخاطر ، بل وهبها بداية جديدة بإنجاب " شيث " عوض " هابيل " . معنى " شيث " فى العبرية ( عوض ) أو معين ، وكأن الله جبله عوض هابيل وعينه رأسا لجيل مقدس ، وبالفعل أنجب شيث " أنوش " الذى يعنى ( إنسانا ) ، " وحينئذ أبتدىء أن يدعى بإسم الرب " . ( ع 26 ) .

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 12:34 am