هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    تفسير الاصحاح السادس من سفر التكوين

    Anonymous
    زائر
    زائر


    المنتدى العام تفسير الاصحاح السادس من سفر التكوين

    مُساهمة من طرف زائر الأربعاء مايو 14, 2008 6:48 pm

    تكوين -
    الأصحاح السادس


    فلك نوح

    احتلت قصة الطوفان مركزا رئيسيا فى تاريخ الخلاص وتجديد العالم بالماء ، إذ أعلن الله :

    " نهاية كل بشر قد أتت قدامى " ، لا ليبيد الإنسان وإنما ليجدد العالم ، فيحول كارثة الطوفان إلى خير أعظم للبشرية التى ألقت بنفسها فى الهلاك الأبدى ، هكذا جاء الطوفان فى الخارج يكشف عن طوفان الخطية المدمر للنفس فى الداخل .

    ( 1 ) أبناء الله وبنات الناس :

    " وحدث لما أبتدأ الناس يكثرون على الأرض وولد لهم بنات ، أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات ، فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروه " ( ع 1 ، 2 ) .

    حذرنا الرسول بولس بقوله : " لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين ، لأنه أية خلطة للبر والإثم ؟! وأية شركة للنور مع الظلمة ؟! وأى اتفاق للمسيح مع بليعال ؟! " [ 2 كو 6 : 14 ، 15 ] .

    جاء تعبير " أبناء الله " فى الترجمة السبعينية " الملائكة " ؛ وقد انحرف البعض فى التفسير الحرفى لهذا الموضوع بأن الملائكة نزلوا من السماء وتزوجوا من بنات الناس !!

    أولا : إن كلمة " إنجيلوس " فى اليونانية تعنى [ رسول ] ، وكأن تعبير " ملائكة " هنا يشير إلى خدام الله ، وكأن أولاد الله أو خدامه قد انشغلوا بالزواج بشريرات عوض إنشغالهم بخدمة الله .

    ثانيا : إن قول الرسول بطرس : " لأنه إن كان لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا بل فى سلاسل الظلام طرخهم فى جهنم وسلمهم محروسين للقضاء " [ 1 بط 2 : 4 ] ، لا يعنى سقوطهم فى شهوات جسدية مع نساء بشريات ، إنما سقوطهم قبل خلق الإنسان فى الكبرياء .

    ثالثا : إن ما قصده الكتاب سواء ملائكة أو أبناء الآلهة إنما يعنى أبناء شيث الذين كان ينبغى أن يعيشوا كملائكة الله وخدامه ، فإذ بهموينجذبون إلى بنات قايين الشريرات لجمالهن الجسدى ، لقد أعلن الله عدم رضاه لقوله :

    " لا يدين روحى فى الإنسان إلى الأبد لزيغانه هو بشر ، وتكون أيامه مئة وعشرين سنة " ( ع 3 )

    تحقق هذا الوعد بالتدريج بعد الطوفان ، وإن كان قد سمح للبعض أن يعيشوا أكثر من مئة وعشرين لكنهم بلا حيوية ...

    ( 2 ) نوح البار

    " ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر فى الأرض وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم . فحزن الرب أنه عمل الإنسان فى الأرض ، وتأسف فى قلبه ، فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذى خلقته ، الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء ، لأنى حزنت أنى عملتهم " ( ع 5 – 7 ) .

    لم يكن ممكنا لله القدوس أن يطيق الشر الذى كثر على الأرض ، ولا يتحمل الإلتقاء مع النفس التى خلقها كمسكن له أن يرى تصورها شريرا كل يوم ، لهذا حزن أنه صنع الإنسان فى الأرض . وحينما يقول الكتاب : " حزن " أو " تأسف قلبه " أو " ندم " ، لا نفهم هذه التعبيرات كإنفعالات غضب ، إنما هى لغة الكتاب الموجهة لنا نحن البشر لكى نفهم وندرك مرارة الخطية فى ذاتها وعدم إمكانية الشركة بين القداسة الإلهية والفساد الإنسانى .

    العجيب أنه وسط هذه الصورة المؤلمة التى أعلنها الله من جهة البشر ، لا يتجاهل إنسانا واحدا يسلك بالبر وسط جيل شرير ، إذ يقول الكتاب : " وأما نوح فوجد نعمة فى عينى الله " ( ع 8 ) . لقد وجد نوح نعمة فى عينى الرب الذى شهد له : " كان نوح رجلا بارا كاملا فى أجياله " ( ع 9 ) . أما قوله : " فى أجياله " فتكشف أن بره وكماله ليسا مطلقين ، إنما لو قورنا بما يقدمه أجياله من فساد ، فالإنسان بره نسبى .

    ( 3 ) فساد الأرض :

    " وفسدت الأرض أمام الله وامتلأت الأرض ظلما .... إذ كان كل بشر قد أفسد طريقه على الأرض " [ ع 11 ، 12 ] . نلاحظ تكرار كلمة " الأرض " فى هذا الأصحاح وهذا يكشف عن اشتياق الله أن يرى فى الحياة البشرية سمة سماوية .

    ( 4 ) فلك نوح :

    كشف الله لعبده البار نوح ما كان مزمعا أن يفعله ، إذ قال له : " نهاية كل بشر قد أتت أمامى ، لأن الأرض إمتلأت ظلما منهم ، فها أنا مهلكهم مع الأرض " .

    الله هو الصديق المحب الذى يحاور الإنسان ويكشف له حكمته وأسراره ، لقد كشف لنوح البار أن الهلاك هو ثمرة طبيعية لفساد هم اختاروه .

    أهمية الفلك :

    نرى فى كتابات الآباء وأقوالهم أهمية الفلك بكون أن الطوفان رمزا لعمل التجديد للطبيعة البشرية ، والفلك رمزا للصليب الذى حمل السيد المسيح معلقا لأجلنا ، فحمل فيه الكنيسة التى هى جسده المقدس ، كان لا بد من هلاك العالم القديم [ اإنسان القديم ] فى مياة المعمودية ليقوم العالم الجديد أو الإنسان الجديد الذى على صورة خالقه يحمل جدة الحياة أو الحياة المقامة فى المسيح يسوع [ رو 6 : 3 ، 4 ] .

    نوح وعائلته داخل الفلك : يقول العلامة أوريجانوس : [ بصعودنا خلال أدوار الفلك المختلفة نصل إلى نوح نفسه الذى يعنى ( نياح ) أو ( بر ) ، فنوح هو يسوع المسيح ، إذ لا ينطبق على نوح القديم قول لامك أبيه : " هذا يعزينا عن عملنا وتعب أيدينا من قبل الأرض التى لعنها الرب " [ تك 5 : 29 ] ... أنظروا إلى ربنا يسوع المسيح الذى قيل عنه : " هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم " [ يو 1 : 29 ] ..... ها أنتم ترونه بالحقيقة يهب راحة للبشرية ، ويخلص الأرض من اللعنة .

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 11:49 pm