هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    تفسير الاصحاح التاسع من سفر التكوين

    Anonymous
    زائر
    زائر


    المنتدى العام تفسير الاصحاح التاسع من سفر التكوين

    مُساهمة من طرف زائر الأربعاء مايو 14, 2008 6:51 pm

    تكوين –
    الأصحاح التاسع


    تجديد العهـــــــد

    إذ تنسم الله من الإنسان المتجدد فى ذبيحته رائحة رضا بارك البشرية ، مقدما لها ناموسا تخضع له ، وعهدا يربطها به ، وعلامة تسندها فى أيام تغربها .

    ( 1 ) الله يبارك نوحا وبنيه :

    " وبارك الله نوحا وبنيه ، وقال لهم : اثمروا واكثروا واملأوا الأرض " [ ع 1 ] .

    إذ خرج نوح وبنوه إلى الأرض المتجددة بمياة الطوفان باركهم الله وقدم لهم ما سبق أن وهبه لآدم وحواء : " اثمروا واكثروا وأملأوا الأرض " ... وكأن الإنسان قد بدأ من جديد ، أو كأن العالم قد انطلق إنطلاقة جديدة خلال نوح عوض آدم الأول .

    هذه البركة فى حقيقتها هى رمز للبركة التى نالتها الكنيسة فى العهد الجديد خلال نوح الحقيقى ، ربنا يسوع المسيح واهب النياح أو الراحة ...

    ( 2 ) ناموس نوح :

    وضع الله ناموسا لنوح عوض الوصية التى قدمها قبلا لآدم ، وقد جاء هذا الناموس يحوى الآتى :

    أولا – السماح بأكل لحوم الحيوانات والطيور والأسماك ، ( ع 3 ، 4 ) . كان طعام الأنسان قبلا من العشب الأخضر ، والآن سمح له بأكل لحوم الحيوانات والطيور والأسماك ...

    لماذا ؟ لكى يهىء الطريق لقبول الشريعة الموسوية التى بها يلتزم الكاهن أن يأكل من ذبيحة السلامة كرمز للتمتع بتناول جسد ربنا يسوع ودمه ، فالذبيحة ليست كما يظن الوثنيون لتهدئة غضب الله ، إذ أن الله لا يسر بالمحرقات ولا يأكل لحوم أو شحوم ، إنما الذبيحة المقدسة وهى تعلن مصالحة الله مع الإنسان هى عطية للإنسان بها تشبع نفسه ويرتوى قلبه على مستوى روحى فائق للطبيعة .

    ثانيا – إذ سمح بأكل اللحوم حذر من أكلها بدمها ، ليهىء الطريق للكشف عن خطورة الدم المبذول عنا كعنصر أساسى للتكفير والفداء ، إذ " بدون سفك دم لا تحصل مغفرة " ( عب 9 : 22 ) ، " دم كريم من حمل بلا عيب دم المسيح " ( 1 بط 1 : 19 ) .

    من الجانب الجسدى منعه من أكل الدم أو شربه لأجل المحافظة على صحته ، ومن الجانب السلوكى خشى عليه من التوحش والعنف ، أما من الجانب الروحى فأراد تقديس الدم بكونه يمثل الحياة المبذولة من أجل خلاص الإنسان .

    ( 3 ) تجديد العهــــد
    أقام الله ميثاقا مع نوح وبنيه ، وجعل قوس قزح علامة للميثاق بينه وبينهم ، وبينه وبين نسلهم من بعدهم ، إذ جاء التأديب خلال الطبيعة ( الطوفان ) أقام الله العلامة فى الطبيعة علانية ( قوس قزح ) ، أما فى العهد الجديد إذ حمل السيد المسيح تأديبنا فى جسده جعل العلامة فيه خلال جراحات الصليب .

    يظهر قوس قزح حول العرش الإلهى ( رؤ 4 : 3 ؛ 10 : 1 ) ، ذلك لأن مجد الله ليس جبروتا وعظمة فحسب وإنما هو أيضا حب بلا حدود . وقوس قزح علامة الحب التى قدمها الله حين أقام ميثاقا مع نوح بعد الطوفان ، ويبقى الله كمحب للبشرية يقدم لنا كل حب خلال ميثاقه معنا . هذا القوس له ألوان كثيرة تعلن عن إحسانات الله وعطاياه المتعددة .

    والعجيب أن الله فى حبه للإنسان يعتز بالميثاق معه ، فيقول : " ميثاقى " ( ع 9 ، 11 ، 15 ) ، " قوسى " ( ع 13 ) .



    ( 4 ) نوح وعريه
    إذ خرج نوح إلى الأرض الجديدة التى غسلتها مياة الطوفان " إبتدأ نوح يكون فلاحا وغرس كرما " ( تك 9 : 20 ) لم يكن " عاملا فى الأرض " ( تك 4 : 2 ) كما كان قايين بل فلاحا يغرس كرما ، نوح يشير إلى السيد المسيح الذى جاءنا كفلاح يغرس كرمه من جديد ، أى الكنيسة التى صارت كما فى أرض جديدة ترتوى بمياة الروح القدس وتغتسل بدم السيد المسيح القدوس .

    غرس نوحا كرما .. غالبا ما كان يعرف فاعلية عصير الكرم المختمر ... لذا يرى بعض الآباء فى نوح أنه أول من اختبر المسكر ! ، إن كان قد سكر بمعرفة أو غير معرفة فقد تعرى ، وسجل لنا الكتاب المقدس هذا الضعف ليؤكد لنا أن الخلاص لم يكن بسبب بر نوح الذاتى فإن كان بارا إنما بسبب نعمة الله الفائقة التى كانت تسنده .

    + + ساعة سكر واحدة عرت ( نوحا ) الذى ظل مستترا طوال ستمائة عام بالوقار ، يا لسلطان الخمر ، فقد جعلت ذاك الذى لم تغلبه مياة الطوفان أن يصير عاريا !

    الخطية هى بالحقيقة الخمر المسكر الذى يعرى النفس ويفضحها ، أما السيد المسيح فهو اللباس البهى الذى يستر النفس من فضيحتها الأبدية .

    + + إذ تعرى نوح أبصر حام عورة أبيه ، أما سام ويافث فبوحى الناموس الطبيعى حرصا ألا يبصرا عورة أبيهما ، هنا تظهر وحدة الناموس الطبيعى والناموس المكتوب وتطابقهما ، إذ يحذر الناموس الإنسان من كشف عورة الأب أو الأم ( لا 8 : 6 – 18 ) ، هذا وكشف العورة لا يفهم فقط بالمعنى الحرفى البحت ، إنما ربما يقصد به عدم الأعتداء على زوجة الأب أو ارتكاب الفتاة شرا مع زوج أمها ! ... لكن ما فعله حام كان فيه سخرية بأبيه المتعرى بالمعنى الحرفى لمعنى التعرية .

    + + رأى القديس جيروم فى قصة نوح هذه صورة رمزية للسيد المسيح الذى شرب كأس الألم ، ومن أجلنا تعرى على الصليب ، فسخر به الأشرار ( حام ) بينما آمن به الأمم ( سام ويافث ) .

    ( 5 ) نبوة نوح عن كنعان وسام ويافث
    " فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به إبنه الصغير " ( ع 24 ) . يرى البعض أن المقصود بأبنه الصغير هنا حفيده كنعان بن حام ، لكن الأرجح أنه حام .

    ولكن على أى الأحوال يبدو أن حاما وأبنه كنعان إشتركا فى السخرية بنوح ، فكانا يمثلان الذين يصلبون السيد المسيح المصلوب لأنفسهم مرة ثانية ، ويشهرونه بسبب أعمالهم الشريرة ( عب 6 : 6 ) . وقد لعن نوح حفيده كنعان ، مباركا إله سام وطالبا الخيرات ليافث .... وقد جاءت كلماته تحمل نبوة عن الأجيال المقبلة ، ويلاحظ فيها الآتى :

    ( 1 ) لم يلعن نوح إبنه حاما بل حفيده كنعان ، ولعل حفيده كان أكثر سخرية به من إبنه ؛ هذا ويرى الشهيد يوستين أن الإبن الذى باركه الله بفمه من قبل مع أخوته لا يمكن أن يلعن ، وقد حلت اللعنة بالإبن الذى مارس خطية أبيه وربما بصورة أبشع . هذا ومن ناحية أخرى فإن دعوة كنعان بعبد العبيد أى النزول إلى أدنى صور العبيد إنما هى نبوة عن الكنعانيين الذين عاندوا الله وانحرفوا إلى الرجاسات الوثنية مثل تقديم أبنائهم ذبائح للأصنام ( لا 18 : 25 – 28 ، تث 20 : 17 ، 18 ) .

    ( 2 ) حين تحدث عن سام ، بارك " إله سام " ، إذ منهم خرج إبراهيم وإسحق ويعقوب ؛ إن النبوة تحققت بولادة السيد المسيح منهم حسب الجسد ، فإن كان إسم " سام " يعنى ( سام ) أو ( عال ) فأى إسم أسمى من السيد المسيح الذى فاح عبيره فى كل موضع ؟‍ ‍

    ( 3 ) جاءت النبوة عن " يافث " والذى يعنى ( توسع ) أو ( ملء ) أن الله يفتح له فيسكن فى مساكن سام ، فقد إتسعت مساكن سام كنيسة ( السيد المسيح ) لتقبل ملء الأمم ، أى تقبل يافث فيها .

    + + +

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 11:00 pm