هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    تفسير الاصحاح الثانى العاشرمن سفر التكوين

    Anonymous
    زائر
    زائر


    المنتدى العام تفسير الاصحاح الثانى العاشرمن سفر التكوين

    مُساهمة من طرف زائر الأربعاء مايو 14, 2008 6:54 pm

    تكوين –
    الأصحاح الثانى عشر


    دعوة إبرام

    إجتمعت البشرية حتى بعد الطوفان ضد الله تتعامل معه كخصم وليس كصديق محب ، أما الله ففى حبه لم يعطها ظهره بل فتش بينها حتى وجد إنسانا واحدا إستحق أن يتمتع بالدعوة ليكون أبا لشعب الله ، بنسله تتبارك الأمم ، هذا الأب " أبرام " دعى للخروج من أرضه وشعبه وبيت أبيه لينطلق بالبشرية فى علاقتها مع الله ببداية جديدة .

    ( 1 ) دعوة ابرام
    ابرام هو العاشر فى تسلسل الآباء الذين ولدوا من سام بعد الطوفان . كلمة " ابرام " تعنى ( الأب مكرم ) ، وقد غير الله إسمه إلى " إبراهيم " التى تعنى ( أب جمهور ) ( تك 17 : 5 ) إذ بدأ حياته كأب مكرم وسام ، جعله الله أبا لجمهور كثير أب الأباء ، أب لجميع المؤمنين .

    إذ رأى الله أمانة إبراهيم – وكان يعيش فى وسط مجتمع غنى مع رجاسات وثنية – دعاه للخروج من أور الكلدانيين وعاد ليكرر الدعوة له فى حاران بعد أن أقام فيها زمانا طويلا مع والده وزوجته وإبن أخيه ، ومات أبوه هناك ( 11 : 31 ، 32 ) .

    لم يتجاهل الله إنسانا واحدا أمينا وسط المدينة بأكملها ، بل وسط العالم كله فى ذلك الحين ، بل جعله صخرا منه يقطع المؤمنون .

    جاءت الدعوة الإلهية لأبرام هكذا : " وقال الرب لأبرام : أذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التى أريك " ( ع 1 ) .

    هذه الدعوة الإلهية موجهة إلى كل نفس بشرية لكى تنطلق لا من مكان معين أو عشيرة أو بيت ما وإنما تنطلق بالقلب خارج محبة العالم والذات ( الأنا ) ، لكى تلتقى بالرب السماوى وتعيش معه فى أحضانه . إنها دعوة للأجيال كلها ، وقد سحبت قلوب الكثير من الآباء مدركين أنها دعوة إلهية تمس حياتهم الشخصية ؛ إنها دعوة ليتخلى اإنسان عن محبة غنى العالم ، وعن عشيرته أى حياته القديمة وعن بيت أبيه ليطلب بيت الآب السماوى .

    لم يكن خروج ابرام سهلا ، إذ يعيش فى مدينة ساحلية عرفت بغناها وتقدمها وثقافتها بجانب إرتباطه بعائلته ، ولم يكن له ولد يعاونه فى انتقاله وترحاله .. خرج من حاران فى سن 75 عاما ! أى فى وقت يحتاج فيه إلى الأستقرار .. ولكنه فى مرونة الطفولة تحرك فى طاعة الله . هكذا قبل إبراهيم الدعوة الإلهية وأطاع متغلبا على الصعوبات والعواطف البشرية والعجيب أن الله وهو يدعوه للخروج لا يحدد له الموضع الذى يستقر فيه .

    ( 2 ) ابرام بركة للأمم
    مع كل دعوة أو وصية يقدم الله وعدا : " فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم إسمك " ( ع 2 ) ... " وتكون بركة وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه " ... وإذ سأله أن يترك عشيرته وبيت أبيه قال : " وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض " ( ع 3 ) .

    الله لا يقبل أن يكون مدينا لأنسان إنما يطلب فرصة ليهبه بفيض ؛ انه يريد أولاده فى حالة شبع حقيقى لا حرمان .

    قيل لأبرام : " تتبارك فيك جميع قبائل الأرض " الأمر الذى تحقق بمجىء السيد المسيح من نسل ابرام الذى به تباركت الشعوب .

    ( 3 ) ابرام العملى فى إيمانه :

    لم يكن ابرام فى إيمانه يتوقف عند تعرفه على الله بأفكار نظرية يحفظها ويدافع عنها ، ولا يتوقف فى ترجمته للمعرفة عند تقديم عبادات معينة ، لكنه فى إيمانه أطاع الله كصديق أعظم له . يقول الوحى الإلهى : " فذهب أبرام كما قال له الرب وذهب معه لوط ، وكان أبرام إبن خمس وسبعين سنة لما خرج من حاران ، فأخذ أبرام ساراى إمرأته ولوطا إبن أخيه وكل مقتنياتهما والنفوس التى إمتلكا فى حاران ، وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان " ( ع 4 ، 5 ) .

    حقا لقد كانت طاعة إبراهيم كاملة فى قلبه لكنها كانت جزئية فى تنفيذها فخرج أولا من أور الكلدانيين ومعه والده تارح ، ولا ندرى لماذا خرج تارح ؟ هل كان متعلقا بإبنه إبراهيم ؟ أم وجد الفرصة سانحة لترك العبادة الوثنية ؟ ... توقف الموكب فى حاران حوالى 15 عاما ، إذ لم يكن إبراهيم قادرا على الإنطلاق منها إلا بعد موت والده تارح الذى غالبا ما استثقل التحرك نحو كنعان فأعاق الموكب كله .

    ليته لا يكون لنا فى خروجنا من أور الكلدانيين تارحا مرافقا لنا حتى لا نتوقف فى حاران سنوات طويلة بل ننطلق مسرعين نحو كنعان السماوية ، نتمتع بمواعيد الله بلا عائق .

    أول بلدة بلغها إبراهيم فى أرض كنعان هى " شكيم " التى تعنى " كتف " ، كان يسكنها الكنعانيون بكتف معاندة لله ؛ لكنها صارت فيما بعد تمثل الكتف المنحية بالحب لله تحمل الأثقال ، إذ صارت تمثل جزءا من أرض الموعد ، مدينة تابعة لسبط لاوى وإحدى مدن الملجأ .

    يبدو أن ابرام لم يدخل شكيم إنما خيم يجوارها وعبر إلى " بلوطة مورة " ( ع 6 ) – فى هذا الموضع أقام أبرام " مذبحا للرب " ( ع 7 ) لأول مرة فى أرض كنعان ، .... يقال أنه هناك دفن يعقوب كل الآلهة الغريبة التى فى أيدى عائلته والأقراط التى فى آذانهم ( تك 35 : 4 ) التى جاءوا بها من حاران ... وهناك أخذ ( يشوع ) حجرا كبيرا ونصبه تحت البلوطة التى عند مقدس الرب ، ( يش 24 : 26 ، 27 ) .

    لقد تقدس الموضع إذ قدم ابرام ذبيحة شكر لله الذى دخل به إلى أرض كنعان التى وعده أن تكون لنسله من بعده ، حيث يتمجد الله وتدفن الآلهة الغريبة يتحول الموضع إلى مكان كرازة ليشوع الحقيقى فيسمع الشعب صوت الكلمة الإلهية .

    هذه هى المرة الأولى التى نسمع فيها أن الرب ظهر لإنسان ( ع 7 ) ، مؤكدا وعده لأبرام : " لنسلك أعطى هذه الأرض " ( ع 7 ) ، ولم يكن أمام أبرام إلا أن يبنى مذبحا للرب يقدم عليه ذبيحة شكر لذاك الذى دعاه ورافقه الطريق وأكد رعايته له .

    إنتقل أبرام نحو بيت إيل ... " فبنى هناك مذبحا للرب ودعا بأسم الرب " ( ع 8 ) . تم ارتحل إرتحالا متواليا نحو الجنوب .




    ( 4 ) أبرام فى مصر :

    " وحدث جوع فى الأرض فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك ، لأن الجوع فى الأرض كان شديدا " ( ع 10 ) .

    كانت المجاعات تتكرر فى أرض كنعان ، وكان العلاج هو النزول إلى مصر حيث نهر النيل

    لم يكن بعد قد أقام أبرام الشيخ المسن فى أرض الموعد كثيرا حتى حدثت المجاعة ، ومع هذا لم يشعر أبرام أنه أخطأ التصرف بخروجه من أرضه وعشيرته وبيت أبيه ، ولا تذمر على الله ، ولا استهان بوعد الله له أنه يعطيه هذه الأرض لنسله بكونها أرضا تتعرض لمجاعات .

    لقد تباركت مصر باستقبال أبرام أب الأباء لتعوله وقت المجاعة ، ولتستقبل حفيده يعقوب هو وعائلته لينطلق شعب إسرائيل من مصر ، وأما ما هو أعظم من الكل فقد لجأ إليها السيد المسيح نفسه فى طفولته يباركها ( مت 2 : 13 ) . لكن كثيرين يشعرون أن إبراهيم أخطأ بانحداره إلى مصر ، إذ جاء إليها دون رسالة صريحة من قبل الله كما حدث مع حفيده يعقوب .

    وبقدر ما صور لنا الكتاب المقدس أبرام فى أروع صوره وهو خارج فى طاعة للدعوة الإلهية يتكىء على وعد الله بإيمان ، إذ به يكشف عن ضعفه فى صورة بشرية مؤلمة ، فقد إتكأ على أرض مصر وقد عرف ما اتسم به المصريون فى ذلك الحين من شهوات جسدية فخاف ، مطالبا زوجته أن تقول أنها أخته ... " ليكون لى خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك ! " ( ع 13 ) .

    ( 5 ) ساراى وفرعون
    أخطأ أبرام بنزوله إلى مصر دون الرجوع إلى الله أو إنتظار اعلاناته له ، وسحبه الخطأ إلى أخطاء متوالية ... وكانت الثمرة الطبيعية أنه حرم من زوجته إلى حين إذ سلبه فرعون إياها ، والعجيب أن ما كان أبرام عاجزا عن إعلانه بأن ساراى زوجته أعلنه الله لفرعون ليردها إليه دون أن يمسها بل ونال غنى وكرامة .

    العجيب أن الله لا يحاسب الإنسان حسب ضعفاته ، فلو أن الله سمح لفرعون أن يمس إمرأة أبرام لبقى الأخير معذب الضمير كل أيام حياته ، مهما نال من بركات أو عطايا ، لقد كان أبرام أحد خائفى الرب ومحبيه ، لذا تمتع بالمراحم التى تعلو على الأرض .

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 11:49 pm