تكوين –
دعوة إبرام
إجتمعت البشرية حتى بعد الطوفان ضد الله تتعامل معه كخصم وليس كصديق محب ، أما الله ففى حبه لم يعطها ظهره بل فتش بينها حتى وجد إنسانا واحدا إستحق أن يتمتع بالدعوة ليكون أبا لشعب الله ، بنسله تتبارك الأمم ، هذا الأب " أبرام " دعى للخروج من أرضه وشعبه وبيت أبيه لينطلق بالبشرية فى علاقتها مع الله ببداية جديدة .
( 1 ) دعوة ابرام
ابرام هو العاشر فى تسلسل الآباء الذين ولدوا من سام بعد الطوفان . كلمة " ابرام " تعنى ( الأب مكرم ) ، وقد غير الله إسمه إلى " إبراهيم " التى تعنى ( أب جمهور ) ( تك 17 : 5 ) إذ بدأ حياته كأب مكرم وسام ، جعله الله أبا لجمهور كثير أب الأباء ، أب لجميع المؤمنين .
إذ رأى الله أمانة إبراهيم – وكان يعيش فى وسط مجتمع غنى مع رجاسات وثنية – دعاه للخروج من أور الكلدانيين وعاد ليكرر الدعوة له فى حاران بعد أن أقام فيها زمانا طويلا مع والده وزوجته وإبن أخيه ، ومات أبوه هناك ( 11 : 31 ، 32 ) .
لم يتجاهل الله إنسانا واحدا أمينا وسط المدينة بأكملها ، بل وسط العالم كله فى ذلك الحين ، بل جعله صخرا منه يقطع المؤمنون .
جاءت الدعوة الإلهية لأبرام هكذا : " وقال الرب لأبرام : أذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التى أريك " ( ع 1 ) .
هذه الدعوة الإلهية موجهة إلى كل نفس بشرية لكى تنطلق لا من مكان معين أو عشيرة أو بيت ما وإنما تنطلق بالقلب خارج محبة العالم والذات ( الأنا ) ، لكى تلتقى بالرب السماوى وتعيش معه فى أحضانه . إنها دعوة للأجيال كلها ، وقد سحبت قلوب الكثير من الآباء مدركين أنها دعوة إلهية تمس حياتهم الشخصية ؛ إنها دعوة ليتخلى اإنسان عن محبة غنى العالم ، وعن عشيرته أى حياته القديمة وعن بيت أبيه ليطلب بيت الآب السماوى .
لم يكن خروج ابرام سهلا ، إذ يعيش فى مدينة ساحلية عرفت بغناها وتقدمها وثقافتها بجانب إرتباطه بعائلته ، ولم يكن له ولد يعاونه فى انتقاله وترحاله .. خرج من حاران فى سن 75 عاما ! أى فى وقت يحتاج فيه إلى الأستقرار .. ولكنه فى مرونة الطفولة تحرك فى طاعة الله . هكذا قبل إبراهيم الدعوة الإلهية وأطاع متغلبا على الصعوبات والعواطف البشرية والعجيب أن الله وهو يدعوه للخروج لا يحدد له الموضع الذى يستقر فيه .
( 2 ) ابرام بركة للأمم
مع كل دعوة أو وصية يقدم الله وعدا : " فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم إسمك " ( ع 2 ) ... " وتكون بركة وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه " ... وإذ سأله أن يترك عشيرته وبيت أبيه قال : " وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض " ( ع 3 ) .
الله لا يقبل أن يكون مدينا لأنسان إنما يطلب فرصة ليهبه بفيض ؛ انه يريد أولاده فى حالة شبع حقيقى لا حرمان .
قيل لأبرام : " تتبارك فيك جميع قبائل الأرض " الأمر الذى تحقق بمجىء السيد المسيح من نسل ابرام الذى به تباركت الشعوب .
( 3 ) ابرام العملى فى إيمانه :
لم يكن ابرام فى إيمانه يتوقف عند تعرفه على الله بأفكار نظرية يحفظها ويدافع عنها ، ولا يتوقف فى ترجمته للمعرفة عند تقديم عبادات معينة ، لكنه فى إيمانه أطاع الله كصديق أعظم له . يقول الوحى الإلهى : " فذهب أبرام كما قال له الرب وذهب معه لوط ، وكان أبرام إبن خمس وسبعين سنة لما خرج من حاران ، فأخذ أبرام ساراى إمرأته ولوطا إبن أخيه وكل مقتنياتهما والنفوس التى إمتلكا فى حاران ، وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان " ( ع 4 ، 5 ) .
حقا لقد كانت طاعة إبراهيم كاملة فى قلبه لكنها كانت جزئية فى تنفيذها فخرج أولا من أور الكلدانيين ومعه والده تارح ، ولا ندرى لماذا خرج تارح ؟ هل كان متعلقا بإبنه إبراهيم ؟ أم وجد الفرصة سانحة لترك العبادة الوثنية ؟ ... توقف الموكب فى حاران حوالى 15 عاما ، إذ لم يكن إبراهيم قادرا على الإنطلاق منها إلا بعد موت والده تارح الذى غالبا ما استثقل التحرك نحو كنعان فأعاق الموكب كله .
ليته لا يكون لنا فى خروجنا من أور الكلدانيين تارحا مرافقا لنا حتى لا نتوقف فى حاران سنوات طويلة بل ننطلق مسرعين نحو كنعان السماوية ، نتمتع بمواعيد الله بلا عائق .
أول بلدة بلغها إبراهيم فى أرض كنعان هى " شكيم " التى تعنى " كتف " ، كان يسكنها الكنعانيون بكتف معاندة لله ؛ لكنها صارت فيما بعد تمثل الكتف المنحية بالحب لله تحمل الأثقال ، إذ صارت تمثل جزءا من أرض الموعد ، مدينة تابعة لسبط لاوى وإحدى مدن الملجأ .
يبدو أن ابرام لم يدخل شكيم إنما خيم يجوارها وعبر إلى " بلوطة مورة " ( ع 6 ) – فى هذا الموضع أقام أبرام " مذبحا للرب " ( ع 7 ) لأول مرة فى أرض كنعان ، .... يقال أنه هناك دفن يعقوب كل الآلهة الغريبة التى فى أيدى عائلته والأقراط التى فى آذانهم ( تك 35 : 4 ) التى جاءوا بها من حاران ... وهناك أخذ ( يشوع ) حجرا كبيرا ونصبه تحت البلوطة التى عند مقدس الرب ، ( يش 24 : 26 ، 27 ) .
لقد تقدس الموضع إذ قدم ابرام ذبيحة شكر لله الذى دخل به إلى أرض كنعان التى وعده أن تكون لنسله من بعده ، حيث يتمجد الله وتدفن الآلهة الغريبة يتحول الموضع إلى مكان كرازة ليشوع الحقيقى فيسمع الشعب صوت الكلمة الإلهية .
هذه هى المرة الأولى التى نسمع فيها أن الرب ظهر لإنسان ( ع 7 ) ، مؤكدا وعده لأبرام : " لنسلك أعطى هذه الأرض " ( ع 7 ) ، ولم يكن أمام أبرام إلا أن يبنى مذبحا للرب يقدم عليه ذبيحة شكر لذاك الذى دعاه ورافقه الطريق وأكد رعايته له .
إنتقل أبرام نحو بيت إيل ... " فبنى هناك مذبحا للرب ودعا بأسم الرب " ( ع 8 ) . تم ارتحل إرتحالا متواليا نحو الجنوب .
( 4 ) أبرام فى مصر :
" وحدث جوع فى الأرض فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك ، لأن الجوع فى الأرض كان شديدا " ( ع 10 ) .
كانت المجاعات تتكرر فى أرض كنعان ، وكان العلاج هو النزول إلى مصر حيث نهر النيل
لم يكن بعد قد أقام أبرام الشيخ المسن فى أرض الموعد كثيرا حتى حدثت المجاعة ، ومع هذا لم يشعر أبرام أنه أخطأ التصرف بخروجه من أرضه وعشيرته وبيت أبيه ، ولا تذمر على الله ، ولا استهان بوعد الله له أنه يعطيه هذه الأرض لنسله بكونها أرضا تتعرض لمجاعات .
لقد تباركت مصر باستقبال أبرام أب الأباء لتعوله وقت المجاعة ، ولتستقبل حفيده يعقوب هو وعائلته لينطلق شعب إسرائيل من مصر ، وأما ما هو أعظم من الكل فقد لجأ إليها السيد المسيح نفسه فى طفولته يباركها ( مت 2 : 13 ) . لكن كثيرين يشعرون أن إبراهيم أخطأ بانحداره إلى مصر ، إذ جاء إليها دون رسالة صريحة من قبل الله كما حدث مع حفيده يعقوب .
وبقدر ما صور لنا الكتاب المقدس أبرام فى أروع صوره وهو خارج فى طاعة للدعوة الإلهية يتكىء على وعد الله بإيمان ، إذ به يكشف عن ضعفه فى صورة بشرية مؤلمة ، فقد إتكأ على أرض مصر وقد عرف ما اتسم به المصريون فى ذلك الحين من شهوات جسدية فخاف ، مطالبا زوجته أن تقول أنها أخته ... " ليكون لى خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك ! " ( ع 13 ) .
( 5 ) ساراى وفرعون
أخطأ أبرام بنزوله إلى مصر دون الرجوع إلى الله أو إنتظار اعلاناته له ، وسحبه الخطأ إلى أخطاء متوالية ... وكانت الثمرة الطبيعية أنه حرم من زوجته إلى حين إذ سلبه فرعون إياها ، والعجيب أن ما كان أبرام عاجزا عن إعلانه بأن ساراى زوجته أعلنه الله لفرعون ليردها إليه دون أن يمسها بل ونال غنى وكرامة .
العجيب أن الله لا يحاسب الإنسان حسب ضعفاته ، فلو أن الله سمح لفرعون أن يمس إمرأة أبرام لبقى الأخير معذب الضمير كل أيام حياته ، مهما نال من بركات أو عطايا ، لقد كان أبرام أحد خائفى الرب ومحبيه ، لذا تمتع بالمراحم التى تعلو على الأرض .
الأصحاح الثانى عشر
دعوة إبرام
إجتمعت البشرية حتى بعد الطوفان ضد الله تتعامل معه كخصم وليس كصديق محب ، أما الله ففى حبه لم يعطها ظهره بل فتش بينها حتى وجد إنسانا واحدا إستحق أن يتمتع بالدعوة ليكون أبا لشعب الله ، بنسله تتبارك الأمم ، هذا الأب " أبرام " دعى للخروج من أرضه وشعبه وبيت أبيه لينطلق بالبشرية فى علاقتها مع الله ببداية جديدة .
( 1 ) دعوة ابرام
ابرام هو العاشر فى تسلسل الآباء الذين ولدوا من سام بعد الطوفان . كلمة " ابرام " تعنى ( الأب مكرم ) ، وقد غير الله إسمه إلى " إبراهيم " التى تعنى ( أب جمهور ) ( تك 17 : 5 ) إذ بدأ حياته كأب مكرم وسام ، جعله الله أبا لجمهور كثير أب الأباء ، أب لجميع المؤمنين .
إذ رأى الله أمانة إبراهيم – وكان يعيش فى وسط مجتمع غنى مع رجاسات وثنية – دعاه للخروج من أور الكلدانيين وعاد ليكرر الدعوة له فى حاران بعد أن أقام فيها زمانا طويلا مع والده وزوجته وإبن أخيه ، ومات أبوه هناك ( 11 : 31 ، 32 ) .
لم يتجاهل الله إنسانا واحدا أمينا وسط المدينة بأكملها ، بل وسط العالم كله فى ذلك الحين ، بل جعله صخرا منه يقطع المؤمنون .
جاءت الدعوة الإلهية لأبرام هكذا : " وقال الرب لأبرام : أذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التى أريك " ( ع 1 ) .
هذه الدعوة الإلهية موجهة إلى كل نفس بشرية لكى تنطلق لا من مكان معين أو عشيرة أو بيت ما وإنما تنطلق بالقلب خارج محبة العالم والذات ( الأنا ) ، لكى تلتقى بالرب السماوى وتعيش معه فى أحضانه . إنها دعوة للأجيال كلها ، وقد سحبت قلوب الكثير من الآباء مدركين أنها دعوة إلهية تمس حياتهم الشخصية ؛ إنها دعوة ليتخلى اإنسان عن محبة غنى العالم ، وعن عشيرته أى حياته القديمة وعن بيت أبيه ليطلب بيت الآب السماوى .
لم يكن خروج ابرام سهلا ، إذ يعيش فى مدينة ساحلية عرفت بغناها وتقدمها وثقافتها بجانب إرتباطه بعائلته ، ولم يكن له ولد يعاونه فى انتقاله وترحاله .. خرج من حاران فى سن 75 عاما ! أى فى وقت يحتاج فيه إلى الأستقرار .. ولكنه فى مرونة الطفولة تحرك فى طاعة الله . هكذا قبل إبراهيم الدعوة الإلهية وأطاع متغلبا على الصعوبات والعواطف البشرية والعجيب أن الله وهو يدعوه للخروج لا يحدد له الموضع الذى يستقر فيه .
( 2 ) ابرام بركة للأمم
مع كل دعوة أو وصية يقدم الله وعدا : " فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم إسمك " ( ع 2 ) ... " وتكون بركة وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه " ... وإذ سأله أن يترك عشيرته وبيت أبيه قال : " وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض " ( ع 3 ) .
الله لا يقبل أن يكون مدينا لأنسان إنما يطلب فرصة ليهبه بفيض ؛ انه يريد أولاده فى حالة شبع حقيقى لا حرمان .
قيل لأبرام : " تتبارك فيك جميع قبائل الأرض " الأمر الذى تحقق بمجىء السيد المسيح من نسل ابرام الذى به تباركت الشعوب .
( 3 ) ابرام العملى فى إيمانه :
لم يكن ابرام فى إيمانه يتوقف عند تعرفه على الله بأفكار نظرية يحفظها ويدافع عنها ، ولا يتوقف فى ترجمته للمعرفة عند تقديم عبادات معينة ، لكنه فى إيمانه أطاع الله كصديق أعظم له . يقول الوحى الإلهى : " فذهب أبرام كما قال له الرب وذهب معه لوط ، وكان أبرام إبن خمس وسبعين سنة لما خرج من حاران ، فأخذ أبرام ساراى إمرأته ولوطا إبن أخيه وكل مقتنياتهما والنفوس التى إمتلكا فى حاران ، وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان " ( ع 4 ، 5 ) .
حقا لقد كانت طاعة إبراهيم كاملة فى قلبه لكنها كانت جزئية فى تنفيذها فخرج أولا من أور الكلدانيين ومعه والده تارح ، ولا ندرى لماذا خرج تارح ؟ هل كان متعلقا بإبنه إبراهيم ؟ أم وجد الفرصة سانحة لترك العبادة الوثنية ؟ ... توقف الموكب فى حاران حوالى 15 عاما ، إذ لم يكن إبراهيم قادرا على الإنطلاق منها إلا بعد موت والده تارح الذى غالبا ما استثقل التحرك نحو كنعان فأعاق الموكب كله .
ليته لا يكون لنا فى خروجنا من أور الكلدانيين تارحا مرافقا لنا حتى لا نتوقف فى حاران سنوات طويلة بل ننطلق مسرعين نحو كنعان السماوية ، نتمتع بمواعيد الله بلا عائق .
أول بلدة بلغها إبراهيم فى أرض كنعان هى " شكيم " التى تعنى " كتف " ، كان يسكنها الكنعانيون بكتف معاندة لله ؛ لكنها صارت فيما بعد تمثل الكتف المنحية بالحب لله تحمل الأثقال ، إذ صارت تمثل جزءا من أرض الموعد ، مدينة تابعة لسبط لاوى وإحدى مدن الملجأ .
يبدو أن ابرام لم يدخل شكيم إنما خيم يجوارها وعبر إلى " بلوطة مورة " ( ع 6 ) – فى هذا الموضع أقام أبرام " مذبحا للرب " ( ع 7 ) لأول مرة فى أرض كنعان ، .... يقال أنه هناك دفن يعقوب كل الآلهة الغريبة التى فى أيدى عائلته والأقراط التى فى آذانهم ( تك 35 : 4 ) التى جاءوا بها من حاران ... وهناك أخذ ( يشوع ) حجرا كبيرا ونصبه تحت البلوطة التى عند مقدس الرب ، ( يش 24 : 26 ، 27 ) .
لقد تقدس الموضع إذ قدم ابرام ذبيحة شكر لله الذى دخل به إلى أرض كنعان التى وعده أن تكون لنسله من بعده ، حيث يتمجد الله وتدفن الآلهة الغريبة يتحول الموضع إلى مكان كرازة ليشوع الحقيقى فيسمع الشعب صوت الكلمة الإلهية .
هذه هى المرة الأولى التى نسمع فيها أن الرب ظهر لإنسان ( ع 7 ) ، مؤكدا وعده لأبرام : " لنسلك أعطى هذه الأرض " ( ع 7 ) ، ولم يكن أمام أبرام إلا أن يبنى مذبحا للرب يقدم عليه ذبيحة شكر لذاك الذى دعاه ورافقه الطريق وأكد رعايته له .
إنتقل أبرام نحو بيت إيل ... " فبنى هناك مذبحا للرب ودعا بأسم الرب " ( ع 8 ) . تم ارتحل إرتحالا متواليا نحو الجنوب .
( 4 ) أبرام فى مصر :
" وحدث جوع فى الأرض فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك ، لأن الجوع فى الأرض كان شديدا " ( ع 10 ) .
كانت المجاعات تتكرر فى أرض كنعان ، وكان العلاج هو النزول إلى مصر حيث نهر النيل
لم يكن بعد قد أقام أبرام الشيخ المسن فى أرض الموعد كثيرا حتى حدثت المجاعة ، ومع هذا لم يشعر أبرام أنه أخطأ التصرف بخروجه من أرضه وعشيرته وبيت أبيه ، ولا تذمر على الله ، ولا استهان بوعد الله له أنه يعطيه هذه الأرض لنسله بكونها أرضا تتعرض لمجاعات .
لقد تباركت مصر باستقبال أبرام أب الأباء لتعوله وقت المجاعة ، ولتستقبل حفيده يعقوب هو وعائلته لينطلق شعب إسرائيل من مصر ، وأما ما هو أعظم من الكل فقد لجأ إليها السيد المسيح نفسه فى طفولته يباركها ( مت 2 : 13 ) . لكن كثيرين يشعرون أن إبراهيم أخطأ بانحداره إلى مصر ، إذ جاء إليها دون رسالة صريحة من قبل الله كما حدث مع حفيده يعقوب .
وبقدر ما صور لنا الكتاب المقدس أبرام فى أروع صوره وهو خارج فى طاعة للدعوة الإلهية يتكىء على وعد الله بإيمان ، إذ به يكشف عن ضعفه فى صورة بشرية مؤلمة ، فقد إتكأ على أرض مصر وقد عرف ما اتسم به المصريون فى ذلك الحين من شهوات جسدية فخاف ، مطالبا زوجته أن تقول أنها أخته ... " ليكون لى خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك ! " ( ع 13 ) .
( 5 ) ساراى وفرعون
أخطأ أبرام بنزوله إلى مصر دون الرجوع إلى الله أو إنتظار اعلاناته له ، وسحبه الخطأ إلى أخطاء متوالية ... وكانت الثمرة الطبيعية أنه حرم من زوجته إلى حين إذ سلبه فرعون إياها ، والعجيب أن ما كان أبرام عاجزا عن إعلانه بأن ساراى زوجته أعلنه الله لفرعون ليردها إليه دون أن يمسها بل ونال غنى وكرامة .
العجيب أن الله لا يحاسب الإنسان حسب ضعفاته ، فلو أن الله سمح لفرعون أن يمس إمرأة أبرام لبقى الأخير معذب الضمير كل أيام حياته ، مهما نال من بركات أو عطايا ، لقد كان أبرام أحد خائفى الرب ومحبيه ، لذا تمتع بالمراحم التى تعلو على الأرض .